قال أبو عبد الله حارث بن أسد المحاسبي في آداب النفوس
قهر النفس على طلب الآخرة
فإذا قطع عليها العبد الطمع من أسباب الدنيا وغلب بعقله هواها رجعت بطمعها إلى أسباب الآخرة لا محالة لأنها بنيت على الطمع
فإذا تجردت من أسباب الدنيا وأقلبت على نفسها بالإياس من المخلوقين رجعت برغبتها وطمعها الى اسباب الآخرة فجدت في طلبها واجتهدت وعزفت عن الدنيا وباينت الهوى وخالفت العدو وتبعت العلم وكانت مطية للعقل صابرة على مر ما يدل عليه الحق فنجت وأنجت
وسيلة تحصيل الخوف والحزن
وتعاهد يا أخي قلبك عند هممه وألزمه الفكرة في أمر المعاد فلا تفارق قلبك وتوهم بقلبك هول المطلع عند مفارقة الدنيا وترك ما قد بذل اهلها فيه مهج نفوسهم وتدنيس أعراضهم وإخلاق مروءاتهم وانتقاص أديانهم ثم تركوا ذلك كله وقدموا على الله فرادى آحاد مع ما قد وردوا عليه من وحشة القبر وسؤال منكر ونكير وأهوال القيامة والوقوف بين يدي الله والمساءلة عن جميع ما كان منهم من قول أو فعل من مثل مثاقيل الذر وموازين الخردل
وسؤاله عن الشباب فيم أبلى شبابه وعن العمر فيم أفنى عمره وعن المال من أين اكتسب وعمن منع وفيم انفق وعن العلم ماذا عمل فيه وعن جميع الأعمال التي صدقوا فيها والتي كذبوا فيها
فإنك يا أخي إن شغلت قلبك بذلك وأسكنته إياه وكان فيك شئ من صحة تركيب العقل فإنه سيكل منك لسانك ولا يعدمك الخوف اللازم مع الحزن الدائم والشغل المحيط بقلبك
by abdelhai aymen